إصلاح ذات البين

يعد إصلاح ذات البين من مكارم الأخلاق العظيمة، فقد حث عليها الشرع في أكثر من مناسبة، كما في قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) الأنفال/1. وقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:(كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَن الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ) متفق عليه واللفظ للبخاري.

ولأهمية هذه المكرمة جعل لها الإسلام جزءاً من مصارف الزكاة، تصرف على الغارمين الذين يسعون للإصلاح بين الناس. قال صلى الله عليه وسلم:(أفضلُ الصدقةِ إصلاحُ ذاتِ البينِ) رواه الطبراني في “المعجم الكبير”

ولم ينس الشعراء فضل إصلاح ذات البين فخلدوه في قصائدهم، ومنه قول الشاعر:

إنّ المكارم كلَّها لو حصلت     رجعت بجملتهـا إلى شيئين

تعظيم أمر الله جلَّ جلالـه      والسعي في إصلاح ذات البين

 

فإصلاح ذات البين شعبة إيمانية، وشرعة إسلامية، تُستل بها الضغائن، وتصفو بها القلوب، وتخمد نيران الفتن، قال عز وجل -منوهاً بتلك الخصلة-: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء/114.

والإسلام يحث المؤمن أن يجعل الإصلاح بين الناس أهم أهدافه في الحياة الدنيا؛ إذ بالإصلاح تصبح الأمة وحدة متماسكة، يسعى بعضها في سبيل إصلاح الآخر، وتكون فعلاً كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى، وفي إهمال الإصلاح تفكيك للأمة وتفتيت لروابطها.