المؤمنون حين يدخلون الجنة، فإن حافظ القرآن الكريم له شأن آخر؛ حيث يعلو غيرَه في درجات الجنة لتعلوَ منزلتُه، وترتفع درجته في الآخرة كما ارتفعت في الدنيا، لكن ذلك مشروطٌ بالإخلاص، فإن وُجِد الإخلاص أنعم الله – سبحانه وتعالى – عليه بعدة كرامات، منها: الإنعام عليه بتاج الكرامة، وحُلَّة الكرامة، فهو يُعرَف بها يوم القيامة بين الخلائق، وهي علامة على كرامة لابسِها ومكانته عند الله – سبحانه وتعالى – وغير ذلك من الكرامات التي أعلاها رضا الله – سبحانه وتعالى.

  • الحافظ مع السَّفَرة الكرام البَرَرة.
  • الحافظ مقدَّم في الدنيا والآخرة؛ في الإمارة، والإمامة، والشورى، واللَّحْد.
  • الحفَّاظ هم أهل الله وخاصته.
  • الحفَّاظ لا تحرقهم النار.
    إن نعمة القرآن العظيم من أعظم النعم التي منَّ الله بها على عباده المؤمنين، لدرجة أن الله – تعالى – قدَّم هذه النعمة على خلق الإنسان أصلاً، قال – سبحانه -: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ ﴾ [الرحمن: 1 – 3]، وكأنَّ الإنسان الذي لا يتعلم القرآن لم يخلق أصلاً، وكأنه ليست فيه حياة، وورد هذا المعنى أيضًا في قول ربنا – عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، وكأن الإنسان الذي لا يستجيب لكلام الله ولا لكلام رسوله – صلى الله عليه وسلم – إنسانٌ ميت لا حياة له.

وقد اختصَّ الله – عز وجل – طائفةً من عباده المؤمنين بنعمة جليلة، ومنَّة غالية، وهي أن جعلَهم يحفظون هذا الكتاب القيِّم عن ظهر قلب، ورفع جدًّا من قدرهم، وعظَّم جدًّا من أجرهم، وأمر المؤمنين جميعًا أن يُجِلُّوا أمرهم، ويقدِّموهم على غيرهم، وذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذلك الأمر في أكثر من حديث؛ حيث قال على سبيل المثال في الحديث الصحيح: “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين”.

نسأل الله – عز وجل – أن يمنَّ علينا بحفظ كتابه، وتدبُّر معانيه، والعملِ بما فيه، وأن يجعلنا ممَّن حَفِظوا للقرآن حُرْمتَه، وممَّن عظَّموا منزلته، وممَّن تأدَّبوا بآدابه، والتزموا بأحكامه.

 وأسأل الله – عز وجل – أن يجعل هذا العمل في ميزان حسنات الواقف عليه رحمة الله وحسنات ذريته من بعده، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.