سقيا الماء

لا شك أن سقي الماء فيه فضلٌ عظيمٌ؛ وما ذاك إلا لأن سقي الماء للعطشى من الإنس أو من البهائم فيه خيرٌ عظيمٌ وفضلٌ كبيرٌ.

وفي الحديث: عن أبي صالح، عن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ قالبينا رجلٌ يمشي فاشتدَّ عليه العطش، فنزل بئرًا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلبٍ يلهث يأكل الثَّرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خُفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قالفي كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ. أن رجلًا أصابه عطشٌ شديدٌ، فجاء إلى بئرٍ فنزل بها وشرب، فلما خرج إذا هو بكلبٍ يلهث، يأكل الثَّرى من العطش، فنزل البئر وملأ خُفَّه من الماء، والخفّ: ما يُلبس في الرِّجل من الجلد يُقال له: خُفٌّ، ملأه من الماء، ثم أمسكه بفيه، ثم خرج من البئر وسقى الكلب رحمةً له؛ فشكر الله له هذا العمل وغفر له، فقالوا: يا رسول الله، إن لنا في هذه البهائم أجرًا؟ قال: نعم، في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ، وهذا يدل على فضل سقي الماء، فإذا كان سقي الكلاب ونحوها رحمةً لها من أسباب المغفرة، فسقي بني آدم المعصومين أعظم وأكبر، ولا سيما المسلمون، فجديرٌ بالمؤمن أن يحرص على سقي الماء في الفلاة في المواضع التي يحتاج الناس فيها إلى الماء، وفي أيام الصوم في رمضان بإيجاد البرادات التي تسقي الناس، وفي كل موضعٍ يحتاج الناس فيه إلى الماء، فإن في ذلك فضلًا عظيمًا وخيرًا كثيرًا.

وهكذا نفع الناس بغير الماء من الطعام والنقود والملابس للمُحتاجين، ولا سيما في هذا البرد القارس من أيام الشتاء، فرحمة الفقراء والإحسان إليهم بالملابس والأطعمة والنقود كل ذلك فيه خيرٌ عظيمٌ وفضلٌ كبيرٌ، والله يقول: وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280]، ويقول جلَّ وعلا: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:274]، ويقول سبحانه: إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [البقرة:271].

ويقول ﷺ: سبعةٌ يُظلهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله، وذكر منهم: ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه، وحديث معاذ: الصدقة تُطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماءُ النار، نعم.

نسأل الله – عز وجل – أن يجعل هذا العمل في ميزان حسنات الواقف عليه رحمة الله وحسنات ذريته من بعده، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ومن ثم سعى وقف مزهر الخيري لتوزيع ما يقرب من 864000 عبوة سنوياً