احترام النظام

يعتبر وجود النظام في كافة المؤسسات من أكثر الأشياء التي تبعث على الراحة النفسية لدى جميع المتواجدين، حيث إن وضع نظام محدد للعمل، وإلزام الموظفين به، يعطي حالة من الاطمئنان والثقة بين أطراف العمل، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة حدة النشاط، فاحترام النظام له العديد من الفوائد التي تعود على الفرد نفسه وعلى كل من حوله.

والنظام الذي أعنيه  ليس مقتصرا على النظام المروري أو الحكومي أو قوانين العمل فقط، ولكن النظام بمعناه الشامل أكبر من هذا بكثير، فحياتنا كلها مبنية على النظام والتنظيم، وعلاقاتنا كذلك، بل أبعد من ذلك، فالإسلام يحاول أن ينظم لك حتى مشاعرك، فيأمرك أن تحب لله وتبغض لله وتوالي في الله، وأن تعطف على الفقير والمحتاج والمريض، وأن تبغض الظالم وظلمه وتكره الباطل وتبتعد عنه، وحتى حياتنا الفردية فيها من النظام الكثير، وحياتنا الزوجية كذلك، وعلاقاتنا، وعملنا، والحاكم مع المحكوم، وكل ما في الكون يدخل فيه النظام ويخضع لقانون وترتيب، ولا يمكن أن نبني حضارة دون أن ندخل ثقافة احترام النظام في نفوس الجميع كبارا وصغارا رجلا ونساء.

والنظام سنة إلهية يقول الله عز وجل في سورة القصص ( قل أرأيتم إن جهل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون* قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون )

فقد جعل الله سبحانه للكون نظاما وللحياة قانونا، فجعل الليل للراحة والسكن والسكينة، وجعل النهار للعمل وكسب المعيشة والتزاور والتلاقي، فلا هذا النهاري طغى على الليل، ولا الليل يأخذ وقت النهار، بل كل شيء منظم ومحدد ومؤقت، وهذا تنظيم إلهي بديع؛ بل حتى فصول السنة منظمة وشهورها مرتبة ( التقويم الهجري ) فلا مطر ينزل بالصيف ولا شمس حارقة بالشتاء وكل شيء مخلوق بقدر ( إنا كل شيء خلقناه بقدر )